أكرهُ نفضَ الغبار، في كلِ صورةٍ قد تخطرُ على بالِك بعد قراءةِ “نفض الغبار” أنا أكرهُ نفضَه، أختصرُ بعنفٍ بعدَ استفاضاتٍ وضيقِ صبر، أحزنُ بعمقٍ ثم أهمِلُ فجأة، اكتسبتُ قليلاً من الفظاظةِ مؤخرًا إن لم أحكمها أخشى أن أتحولَ لشخصٍ فظ، لا أرققُ صوتي في الهاتِفِ وأكرهُ من يفعل ذلك، أكثرُ ما يجعلني شخصٌ لا يُطاق أن أشعرَ أن لا حقَ لي في شيءٍ أريده، حينها أكرهُ كلَ شيء باطــّراد، وأكثرُ ما يكسرُني أن يضيقَ بي حُلمٌ أحلمُ به.
يجعلني الحديثُ عن الأملِ والحبِ أشعرُ بصغرِ سني، وكونتُ نظريةً يجيءُ بي احساسًا بالغرابةِ كلما فكرتُ بها إن طرأ موقفٌ يجبرني على ذلك النوع من التفكير، نظريةٌ تقولُ أن أحلامَ الصغرِ ليسَ مثلُها شيء، ولا يوجدُ حلمٌ يشبهها، وأنني كلما شعرتُ بالبلاهةِ كلما كان ما أقرره هو الصحيح؛ إذ أنني كلما رحتُ أصغرُ وكلما أصبحت نظرتي إيجابًا وفعلي انطلاقًا كلما شعرتُ بتلكَ البلاهة. لمَ؟ لأنني عجوز.
أتظاهرُ أن حقيبةَ ظهري فارغة وأصدقُ ذلك فأضلُّ وأقول لنفسي أنني لا أعلمُ لمَ أحملها -أستمرُ في حملهِا لحسنِ الحظ-، أمّلُ عندَ أولِ خطوة، أتحدّثُ مع أمي كثيرًا، وأتساءلُ مؤخرًا لمَ لا أتحدثُ بهذا القدرِ مع غيرها. يطاردني التفكيرُ مطولاً كلما شعرتُ بالإثمِ أنه مردودٌ إليّ لا محالة، أشعرُ سريعًا بالعار، وبالندم، يمكنُ خذلاني بكلمة، لا أتوقعُ الكثيرَ من أيّ شخص، أنا فقط لا أتوقّعُ أيَ شيء، فيكونُ أيَ شيءٍ مُفاجأة. احتجتُ إلى تلقينِ نفسي أن الناسَ ليسوا مثلي ولستُ منهم بشيء، وأنهم قد يكونون مختلفينَ عنّي تمامًا، واحتجتُ فترةً لأعتادَ الأمر.
أظنُ أن لا قدرةَ لي على الاعتذار، ولا على تنميقِ الحديثِ ولا على الحديثِ المشحونِ بتملقٍ كانَ أو هجاء، لا أقدرُ أن أتحايلَ على أحد، ولا أطيقُ أن يحتال أحدهم عليّ، لا يمكنني أن أصبر، يمكنني أن أقنعَ نفسي بجمالِ البرودِ فأبرُد، لا أستطيعُ التركيزَ مطولاً مع أحدٍ لستُ منبهرةً به، ولا أعرفُ ما العملُ في كثيرٍ من المواقفِ وكثيرًا ما أبدو كمن ليس ببالهِ خاطر لهذا السبب. أشتبهُ دومًا بكلِ شيءٍ ودائمًا ما أقعُ صيدًا سهلاً.
على كلِّ هذا أن يتغير.
12-12-2012
عُصفورة 